توارث الأجيال لخلق الحياء
ومن حكمة الله أنَّه أبقى في البشرية قاعدةً تتعلَّق بالحياء، توارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، بالرَّغم من التَّحريفات التي أصابت الكتب، وبالرَّغم من الانقطاع الذي حصل بين الرُّسل، فكم بين عيسى والنَّبيِّ ﷺ؟ قريباً من ستمائة عام كما جاء في حديث سلمان ، لكن بقيت عباراتٌ تتداولها الأجيال من كلام النُّبوَّة الأولى، مع ما أصاب الكتب من التَّحريف والانقطاع الذي حصل لكن بقيت عبارةٌ تتداول كما قال النَّبيُّ ﷺ: إنَّ مما أدرك النَّاس من كلام النُّبوُّة الأولى: إذا لم تستح
فاصنع ما شئت[رواه البخاري3296]. فهذا الحديث الصَّحيح الذي رواه البخاري رحمه الله تعالى يبيِّن كيف أنَّ هذا الوصية بهذا الخلق قدَّر الله أن تنتقل في أجيال البشرية جيلاً بعد جيلٍ يتواصون به لأجل أهمية هذا الخلق، فإنَّ قال قائل: ما معنى الحديث: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت فقد ذكر العلماء فيه معنيين: المعنى الأول: تهديدٌ ووعيدٌ، كيف؟ إذا لم تستحي فاصنع ما شئت، يعني: إذا تركت الحياء ولم يكن عندك حياء يردعك عن القبائح؛ فافعل ما شئت منها، فأنت ستجازى بها وستُحاسب عليه وستعاقب، فإذاً: هذه عبارة تهديدٍ ووعيدٍ: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت، وليس المقصود: افعل ما شئت يعني ذلك إذناً وإباحةً! لا، وإنَّما هو تهديدٌ ووعيدٌ، كما قال الله تعالى في الآية: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ[فصلت:40]. هل معنى: اعملوا ما شئتم أنَّه يسمح لهم أن يعملوا ما يشاءون؟ لا، فهذا تهديدٌ وهذا من أساليب العرب في التَّهديد الوعيد، يقول: افعل ما تريد، لكنَّه يقصد أنَّه سيعاقبه ويتوعَّده، ويقول: افعل ما يحلو لك فستجد في النِّهاية مصيرك وعاقبتك، معنى آخر: رُوي عن الإمام أحمد رحمه الله: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت يعني: إذا كنت تريد أن تفعل أمراً فنظرت في هذ الأمر هل يستحيا من فعله أم لا، فخرجت بأنَّه لا يستحيا من فعله فاعمله ولا حرج عليك و لا بأس، فإنَّ هذا عملٌ مباحٌ، ولو كان العمل هذا فيه معصيةٌ أو مذمومٌ، انظر هل يستحيا من هذا العمل إذا فعله الشَّخص أو لا، إذا لم يستحيا منه فافعله، فيكون هذا للإباحة، فالذي ينبغي تركه هو ما يستحيا منه، والذي يجوز فعله هو ما لا يستحيا منه من الله تعالى، انظر هل تستحي من الله إذا فعلته، وهل تستحي من الصَّالحين، فإنَّه دليلٌ على أنَّه لا بأس به، ولذلك استحي من الله كما تستحي من الرَّجل الصَّالح من قومك، فإذا شكَّ الإنسان في عملٍ: هل يجوز أو لا يجوز، فليعرضه على الحياء؛ فإن وجد أنَّ هذا العمل لا يستحيا منه يفعله، ويعلم أنَّ الله مطلِّعٌ عليه وأنَّه لا يستحي من فعل هذا العمل،ولو أنَّ شخصاً يراه أو حصل بحضرة عالمٍ صالحٍ، فإنَّ هذا الفاعل لا يستحي من فعله أمام هذا الرَّجل الصَّالح، إذاً: لا حرج في فعله وليقدم عليه، إذا لم تستحي فاصنع ما شئت عند ذلك، وكلا المعنيين صحيحٌ
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:40 pm من طرف Admin
» التوكل والاعتماد على الله
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:38 pm من طرف Admin
» اليـــــــــــقين بالله
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:36 pm من طرف Admin
» حيـــــــاة الســــــــلف بين القــــــــــــول والعـــــــــــمل
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:34 pm من طرف Admin
» جاء رجل الى وهب بن منبه فقال :علمني شيئا الله به قال .....
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:31 pm من طرف Admin
» قال ابن القيم رحمه الله تعالى التوكل نصف الدين
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:29 pm من طرف Admin
» في اليقــــــــــــين والتوكل
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:26 pm من طرف Admin
» ماصبر عليه يوسف عليه السلام من مراودة امراة العزيز امر صعب جدا لقوة الداعي ؟ فما قوة الداعي فيه ؟
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:24 pm من طرف Admin
» الداخل في الشيء لايرى عيوبه
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:19 pm من طرف Admin