الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
معنى الحياء
فحديثنا -أيُّها الإخوة- في هذه الليلة عن خلقٍ آخر من الأخلاق الإسلامية الكريمة الحسنة، هو خلقٌ وهو صفةٌ أيضاً من صفات الله تعالى، وأصلٌ من أصول الأخلاق، يحمل على ترك القبيح وفعل الجميل، ألا وهو: الحياء، والحياءُ مشتَّقٌ من الحياة، وقيل في الحياء: هو ماء الوجه، مثلما يكون الحياة للمطر والغيث يسمَّى به حيَّاً؛ لأنَّ فيه حياةُ الأرض والنَّبات والدَّواب، وكذلك فإنَّ حياة الوجه بحيائه كما أنَّ حياة الغرس بمائه، والحياء هو تغيُّرٌ وانكسارٌ وانقباضٌ يعتري النَّفس الإنسانية من خوف ما يعاب به، كما قال الشَّاعر:
لولا الحياء لهاجني استعبار
وقال آخر:
لولا الحياء لهاجني استعبار
وقال آخر:
إذا قلَّ ماءُ الوجه قلَّ حياؤه | فلا خير في وجهٍ إذا قلَّ ماؤه |
حياءك فاحفظه عليك فإنَّما | يدلُّ على وجه الكريم حياؤه |
فالحياء: ماء الوجه، وهو خُلقٌ جميلٌ يحمل النَّفس على ترك الرَّذائل، ويحجزها عن السُّقوط في سفاسف الأمور وحمأة الذُّنوب، وهو من أقوى البواعث إلى الفضائل وفعل الصَّالحات، ويكفي الحياء خيراً كونه على الخير دليلاً؛ لأنَّ الحياء: انكسارٌ وانقباضٌ يجعل الإنسان يترك القبيح، ولذلك قال النَّبيُّ ﷺ: الحياء لا يأتي إلَّا بخير وقد حدَّث بهذا الحديث عمران بن حصين الخزاعي ، وكان في المجلس بشير بن كعب، فقال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: "أنَّ منه وقاراً ومنه سكينة" أي: دعة ، يقول: منه ما يكون ضعفاً ومنه ما يكون وقاراً، فكأنَّه يريد أن يخصِّص الحديث ويقول كيف أنَّ الحياء خيرٌ كُلُّه؟ لقد وجدنا في بعض الكتب أنَّ من الحياء ما يكون ضعفاً! فقال عمران -راوي الحديث-: "أحدِّثك عن رسول الله ﷺ وتحدِّثني عن صحفك"[رواه البخاري 5766، ومسلم 37]. وفي رواية: "لا أحدثك بحديث ما عرفتك" يعني: الصَّحابي يريد أن يؤدِّب هذا الرَّجل، يقول: "أنا أقول لك حديثاً وأنت تُعارض الحديث بأشياء رأيتَها مكتوبةً! لا أحدِّثك بحديثٍ ما عرفتك" فقال بعض الجالسين: يا أبا نُجيد -وهي كنية عمران بن حصين- أنَّه طيِّبُ الهوى، وأنَّه وأنَّه، فلم يزالوا به حتى سكن وحدَّث"[رواه أحمد 19986]. يعني: سكن غضبه، فقالوا: إنَّ هذا الرَّجل الذي تكلَّم واعترض طيِّب القلب ليس من أهل السُّوء ولا من أهل الأهواء ولا من أهل النِّفاق ولا من أهل البدعة، وهو من أهل الاستقامة فيما نحسب، وأنَّه تسرَّع وأخطأ ونحو ذلك، حتى سكن الصَّحابي رضي الله تعالى عنه وحدَّثهم.
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:40 pm من طرف Admin
» التوكل والاعتماد على الله
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:38 pm من طرف Admin
» اليـــــــــــقين بالله
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:36 pm من طرف Admin
» حيـــــــاة الســــــــلف بين القــــــــــــول والعـــــــــــمل
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:34 pm من طرف Admin
» جاء رجل الى وهب بن منبه فقال :علمني شيئا الله به قال .....
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:31 pm من طرف Admin
» قال ابن القيم رحمه الله تعالى التوكل نصف الدين
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:29 pm من طرف Admin
» في اليقــــــــــــين والتوكل
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:26 pm من طرف Admin
» ماصبر عليه يوسف عليه السلام من مراودة امراة العزيز امر صعب جدا لقوة الداعي ؟ فما قوة الداعي فيه ؟
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:24 pm من طرف Admin
» الداخل في الشيء لايرى عيوبه
الأربعاء فبراير 15, 2023 6:19 pm من طرف Admin