في ساعات الصفاء

" في ساعات الصفاء حينما تنقشع الغواشی عن القلب وتنجلی البصيرة، وأرى كل شيء أمامي بوضوح، تبدو لي الدنيا بحجمها الحقيقي وبقيمتها الحقيقية، فإذا هي مجرد رسم کروکی او ديكور مؤقت من ورق الكرتون، أو بروفة توزع فيها الأدوار لاختيار قدرات الممثلين .. 


وهي في جميع الأحوال
مجرد عبور و مزار ومنظر من شباك في قطار.


وفي الغربة وليست الوطن. وهي السفر وليست المقر.


أتعجب تماما وأندهش من ناس يجمعون، ویکنزون، ويبنون ويرفعون البناء وينفقون على أبهة السكن ورفاهية المقام وكأنما هو مقام أبدی.


وأقول لنفسي أنهم في مرور؟ ألم يذكر أحدهم أنه حمل نعش أبيه وغدا يحمل ابنه نعشه إلى حفرة يستوي فيها الكل؟


 وهل يحتاج المسافر لأكثر من سرير سفری؟ وهل يحتاج الجوال لأكثر من
خيمة متنقلة؟


ولم هذه الأبهة الفارغة، ولمن؟


..


كتاب "  وبدأ العد التنازلى "
د مصطفى محمود .. رحمه اللَّه